[center][img]
http://pcpoint.pc.funpic.de/salaamalykom3.gif[/img][/center][color=#0000ff]من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه
هل تعلمون من هو الوليد بن المغيرة؟
إنه أحد رؤوس قريش زمن الرسول صلى الله عليه وسلم و أحد الذين انزل الله فيهم قرآنا. قال تعالى من باب التأديب و التأنيب لهذا السيد من سادة قريش. لما لم يمتثل لأمر ربه :" ولا تطع كل حلاف مهين , هماز مشاء بنميم , مناع للخير معتد اثيم , عتل بعد ذلك زنيم , أن كان ذا مال و بنين , إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين" فقد اظهر الله عوراته .فهو كثير الحلف بالباطل , " مهين " ضعيف القلب , مغتاب للناس بالهمز , نمام بنقل الأحاديث و إحداث الوقيعة , " عتل" جاف شديد فى كفره و صلفه و عناده . و هو فضلا عن ذلك " زنيم" أى منسوبا إلى غير أبيه كابن الزنا.
يا الله , أى فضيحة تلك و أى عار تلبسه و سيتلبس بنيه , بل و أى بيت من بيوت العرب المعروفين بتعظيمهم للانساب سيرضى بتزويج اى من بناته لأى من أبناء هذا المفضوح فى أخلاقه و عرضه و سلوكه؟!
و لكن أتدري من هم ابناؤه ؟
أتعلم ان أحد أعظم القواد العسكريين على مر التاريخ هو ابن من أبناؤه : إنه خالد بن الوليد. أوتعلم أن الوليد بن الوليد و هو احد وجوه الصحابة هو ابنه الثاني.
إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أقر قاعدة عظيمة حين قال : " من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه " . فليس الفتى من قال ابى فلان و لكن الفتى من قال انا فلان. من ذا الذي كانت سترفع له رأس فى أيامنا هذه إذا وجد فى أبيه هذه الصفات , بل و إذا شهر بأبيه على هذا النحو. و لكن الأسلام ليس دين انساب , أنه دين عمل و كل مسؤل عن عمله لا عمل غيره حتى ولو كان هذا الغير أباه أو أمه.
لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد صحابته يزجر عبدا أسودا قائلا له " يا ابن السوداء " نهره صلى الله عليه و سلم برغم مكانته عنده قائلا له " إنك امرؤا فيك جاهلية " . فالاسلام قد لم يقم اعتبارا لفضل أو وضاعة النسب حين أعلن صلى الله عليه و سلم ذلك قائلا :" لا فضل لعربي على اعجمي و لا لأبيض على أسود إلا بالتقوى و العمل الصالح " . و حين اعلن لابنته فاطمة أن اعملي فإنى لا أغنى عنك من الله شيئا. و قد عاتب الله نبيه حين ترك الاعمى و التفت لوجهاء قريش :" عبس و تولى , أن جاءه الأعمى , و ما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى , أما من استغنى فأنت له تصدى و ما عليك ألا يزكى ". و ها هو القرآن الكريم يعلنها واضحة جلية : " كل نفس بما كسبت رهينة " . فأنت رهن بما قدمت يداك لا بما قدمت يد ذويك خيرا أو شر , حسبا أو وضاعة .
فروح الإسلام قائمة على تحريرنا من تبعات ما اقترف آباؤنا من ذنوب و على توجيهنا لأتيان ما فيه صلاحنا بغيرما مسؤلية عن أفعال غيرنا . و إلا ما قامت قائمة لخالد و لا للوليد ابن المغيرة و لا لعكرمة ابن ابى جهل الذى أنزل الله فى أبيه و أمه سورة كاملة هى سورة المسد : تبت يدا أبي لهب و تب , ما أغنى عنه ماله و ما كسب , سيصلى نارا ذات لهب و امرأته حمالة الحطب , فى جيدها حبل من مسد ".
و إذا كان هذا هو رأي الإسلام فى مسألة النسب , فما هو رأى العلم ؟ إذا كان احد الأبوين أو كليهما فاسد أو عاق فهل من اللازم أن يرث أبناؤه عنه هذه الصفات؟
إن الوراثة فى الكائنات الحية تتم على مستويين : المستوى الأول يتم فيه توريث كل الصفات الوراثية للوالد الى ابناءه . و يحدث ذلك فى التكاثر اللاجنسي حيث تنقسم الخلية الحية الى خليتين جديدتين متماثلتين وراثيا تماما , فكل ابن حينئذ هو نسخة من أبيه. و بهذه الطريقة تتكاثر كل الأحياء الدنيا . و بهذه الطريقة أيضا يحدث الاستنساخ , فلو قدر لك فى المستقبل ان تتزوج من فتاة مستنسخة فإن عليك حينئذ أن تتحرى تماما عن أمها ذلك أن الفتاة المستنسخة تمتلك نفس تتابع المادة الوراثية للأم مما يعني تماثلها معها فى الشكل و السلوك . و حينئذ قد يصح أن نسترشد بالمثل الشعبي " أقلب القدرة على فمها , تطلع البنت لامها ".
و المستوى الثاني يتم عن طريق الخلط العشوائي للمادة الوراثية الخاصة بزوجين يتكاثران جنسيا . و تكون نتيجة هذا الخلط العشوائي هى كائن هجين جديد بصفات وراثية قد تختلف أو تتشابه مع اى من والديه بحسب تباين خليط المادة الوراثية.
و أول من مارس الجنس هى البكتريا منذ 2.5 بليون سنة , و لكننا لانعرف هل كان دافعها لذلك اللذة ام البحث عن تركيبات وراثية جديدة تؤمن لأبنائها تحمل الحياة فى ظروف بيئية مختلفة و تتيح لها الانتشار فى أماكن و بيئات لم يكن من الممكن التقدم اليها فى ظل ثبات الشريط الوراثي. و بهذه الطريقة تتكاثر كل الأحياء الراقية بدءا من البكتريا و مرورا بسائر انواع الحيوانات و انتهاء بالانسان. فكل منا هو نتيجة عملية تهجين عشوائية للمادة الوراثية لأبويه . و لا يمكن لأى منا التنبؤ سلفا بنتيجة هذا التهجين . و لا يمثل فرقا جوهريا أن يكون الأبوين صالحين أو طالحين , عبقريين أو غبيين . فالتهجين فى حد ذاته هو ثمرة جديدة لتتابعات جينية مختلفة مكونة من اربعة حروف أساسية . و لكى تدرك كم ما يمكن أن يثمره ذلك من تنوع فإن عليك أن تعرف أن كل ثورة المعلومات و الكمبيوتر و الانترنت قائمة على لغة ثنائية مكونة من حرفين اثنين فقط.
و لكى تدرك ان المقدمات قد تؤدى الى نتائج مختلفة تماما دعنى أضرب لك مثالا من عالم مختلف تماما , هو عالم التفاعلات الذرية : فجميعنا يعرف الاكسجين و يعرف انه لا حياة بغيره و أنه كذلك لا اندلاع لحريق و لا حدوث لخراب و أكسدة و تدمير لمنشآت معدنية بغيره , بل إن كثرته مؤذية للخلايا الحية ذاتها. جميعنا أيضا يعرف الهيدروجين , هذا الغاز المسبب للانفجارات , بل أكثر من ذلك هذا الغاز المتسبب فى حرارة الشمس ووهجها و قسوتها فكل أربع ذرات منه تندمج سويا هناك فى باطن الشمس مطلقة حرارة تتجاوز مئات الالاف من الدرجات المئوية و مسببا الانفجارات الشمسية العنيفة التى لها القدرة على اهلاك اى حياة و المتسبب الرئيسي ايضا فى الخلل الناشئ فى البث الاذاعى وقت الانفجارات الشمسية العنيفة . و ايضا المحفز لانبعاث اشعة جاما و سائر الاشعة الكونية القادرة على إفناء الحياة لولا هذا الغلاف الواقى من طبقة الاوزون التى تعمل كفلتر واقى فوق رؤسنا. إن الفضاء الكونى قاس و مظلم و عدائي للحياة بفضل نشاط الهيدروجين فى أعماق النجوم.
هذين الغازين ما أشد تأثيرهما و اعنفه . و لكنهما مع ذلك إذا ما تفاعلا سويا كونا عائلة جديدة لها صفات جد مختلفة لا يمكن التنبؤ بها من خلال صفاتهما وحدها: أتدرون ما هذه العائلة : إنها جزيئات الماء التى لا قيام لحياة بدونها. فأى مقدمات تلك و اى نواتج هذه . و من ذا الذي بامكانه التنبؤ بمثل هذا الابن البار – الماء – من خلال آباءه ذوى السلوك الشاذ.
فلا تبتئس أخى بتواضع أصلك و لا تتباهي أختاه بكريم نسبك . فحتى لو كان أباك هو ابا جهل او الوليد ابن المغيرة فلم لا تكون عكرمة أو خالد. و حتى لو كان أباكي هو نبي الله نوح فلن يشفع لك ذلك سوء عملك كما لم يشفع نوح عليه السلام لابنه و لا لوط لزوجته على الرغم من كريم نسبهما الذى لا جدال فيه فأى نسب أشرف من بيت النبوة. و لكنها عظيم حكمة ربنا جل و علا الذى يابى أن يحتما ال؟أبناء وزر آبائهم . و يأبى أن يتكل الأبناء على عظيم صنع أبنائهم. فمن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه.[/color]